تهاني ماجد
البلوك سلاح العظمة الرقمي الجديد
تحولت علاقاتنا من ارض الواقع الاجتماعي الى عالم الواقع الافتراضي تحت اسماء و شعارات مستعارة تتقنع خلف وجوه مزيفه ترتدي تيجان الشهرة المزينة بالأوهام المرصعة بجواهر الأفضلية و الغلو خلف زجاج الاستعلاء و حب البقاء في غابه التواصل الامازونيه ظلالها الافكار المتفردة تنعكس على سطح مياهها الضحلة القناعات و القيم الفردية . تزهر اشجارها بالوضوح و الانفتاح الغير مسبوق في التعبير و ابداء الرأي دون خوف من انياب الاحكام الجائرة من الطرف المستقبل لتلك الفكرة ، يسقط فيه ستار الخجل و تعزف على مسارحه المفتوحة في الهواء الطلق انغام الجرأة و الغضب و الحب و الالم الارتوازي في ابار الانفس المتعبة من البحث و التنقيب عن كنوز الشهرة اللامعة.
بل اصبح ايضا ميدان للتعارف و التوافق و التشابه لتتعدد فيه النسخ المكررة من الشخصيات المتناقضة فتصل الى حد التنافس و الاختلاف حتى تتحول تلك الارض الخضراء الى ارض قاحله لمعركه طاحنه بين اطراف متعددة تتقاتل على فكره البقاء للأشهر و الاكثر متابعه فلم يعد البقاء فيها للأقوى بل البقاء للأغرب.
و كما هي العادة فلكل معركه ساحه قتال و لكل جندي سلاح للقضاء على عدوه للذخر بالنصر المؤيد من جيشه المخلص لرايته المرتفعة فوق صهوات الاحصنة وسط الصرخات الطاحنة معلنه نهاية المعركة للشجاع القوي المنتصر.
لكن معاركنا اليوم تختلف بشكل كامل عما عهدناه و سمعناه في القصص التاريخية و الملاحم الأسطورية .
ساحه المعركة عباره عن شاشه زجاجيه لا تتعارك فيه الاجساد بل تتقاتل فيه العقول و هي على صهوات مفاتيح الكيبورد في ارض التقنية الواسعة التي يغطي سمائها الغبار الذي تثيره حوافر الاحرف الابجدية التي تتقاتل فيما بينها بقوه و سرعه لتسبق منافسها في رد الضربات و صد اسهم الكلمات السامه فتصبح المعركة طاحنه ليس لها نهاية بسلاحها الذري القاسي الذي يتفوق على السيوف البتارة و الاسهم الطيارة في تحطيم جدران القلوب اقوى من اي منجنيق او دبابه و تنتهي المعركة بنصر خبيث.
نعم انه السلاح الاقوى في تاريخ البشرية النفسي انه العدو الاول للقلوب المرهفة و الصديق الوفي لكل من يرفض ان يتقبل الاخر و اختلاف الراي بل يخاف من ان يجرح من عدو غريب قد يكون صديق نادر تم طعنه برماح الظنون و حرق بنار الانطباع الاول الغبي.
قد تستغربون ما هذا السلاح الذي يسبب كل هذا الضرر و اين هي القوى العظمى من منعه عالميا لما له من ضرر على الانفس البشرية المسكينة.
انه البلوك ،،،نعم البلوك ...السلاح الاعظم في زمان السوشال ميديا و الاكثر دموية بين الأسلحة الوهمية.
السلاح الذي يستعمله الجميع بكل تصنيفاتهم المجتمعية و الأخلاقية و مهما اختلفت مراكزهم في ارض الميديا و غيرها من الاراضي الإلكترونية.
يستعمله الجميع ضد من لا يوافقهم في الرأي او من يتطفل على اراضيهم التقنية و يدخل منازلهم المشفرة في كل مواقعهم الإلكترونية رغم انهم يرحبون بهذا الضيف الثقيل في بادئ الامر و يفتحون له ابواب الفولو للتفاخر بضيفهم الجديد ثم يبدوان بتجاهله عند اكتشاف اختلافه الفكري او الاخلاقي او حتي الاجتماعي عنهم ليتم رميه خارج منازلهم بإلغاء المتابعة كرساله منهم بعدم الرغبة بوجوده في ضيافتهم و ذلك بإخراج سلاح البلوك من تحت ادراج التطبيق ليتم رمي هذا العدو المتطفل و التخلص منه بابشع الوسائل الإلكترونية.
جميعنا نستعمل سلاح البلوك في بيوتنا الصغيرة المحمولة في كفوفنا البريئة نفتح الباب لمن نريد و نغلقه عن من نريد.
لا انكر اني من مرتكبي هذه الجريمة الحقيره و من ضحايا هذا السلاح الفتاك لكني سرعان ما اسحب سلاحي من قلب ضحيتي ندما و حسره لأسمح للعفو و الغفران ان يعالج الجرح الذي سببه تهوري و افتح باب الفرصة الثانية لضحيتي المسكين لعلي اجد الوجه الذي يقبع خلف تلك الشاشات المضيئة .
لنفكر لحظه و نتسأل هل اصبنا نحن يوما بهذا السلاح القاتل؟؟؟
ما هو شعورنا و هل يستحق كل ذلك الالم ؟؟؟؟ ما الذي سببه البلوك للقلب و العقل عند الإصابة؟
هل الشفاء من اثر طعنته ممكن؟ ؟؟؟؟هل هناك من يستحق ان يعاقب بسلاح البلوك ام انه جريمة بحق النفس البشرية ؟
لنتحرر من هذا الاستعباد الجديد و ليكن شعارنا "تبا للبلوك" و لصناعه.